قوله : ( قال حدثنا أبو اليمان )
في رواية الأصيلي وكريمة : حدثنا الحكم بن نافع , وهو هو , أخبرنا شعيب : هو ابن أبي حمزة دينار الحمصي , وهو من أثبات أصحاب الزهري .
قوله : ( أن أبا سفيان )
هو صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف .
قوله : ( هرقل )
هو ملك الروم , وهرقل : اسمه , وهو بكسر الهاء وفتح الراء وسكون القاف , ولقبه قيصر , كما يلقب ملك الفرس : كسرى ونحوه .
قوله : ( في ركب )
جمع راكب كصحب وصاحب , وهم أولو الإبل , العشرة فما فوقها . والمعنى : أرسل إلى أبي سفيان حال كونه في جملة الركب , وذاك لأنه كان كبيرهم فلهذا خصه , وكان عدد الركب ثلاثين رجلا , رواه الحاكم في الإكليل . ولابن السكن : نحو من عشرين , وسمى منهم المغيرة بن شعبة في مصنف ابن أبي شيبة بسند مرسل , وفيه نظر ; لأنه كان إذ ذاك مسلما . ويحتمل أن يكون رجع حينئذ إلى قيصر ثم قدم المدينة مسلما . وقد وقع ذكره أيضا في أثر آخر في كتاب السير لأبي إسحاق الفزاري , وكتاب الأموال لأبي عبيد من طريق سعيد بن المسيب قال : كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر . الحديث وفيه : فلما قرأ قيصر الكتاب قال : هذا كتاب لم أسمع بمثله . ودعا أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة وكانا تاجرين هناك , فسأل عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قوله : ( وكانوا تجارا ) بضم التاء وتشديد الجيم , أو كسرها والتخفيف جمع تاجر .
قوله : ( في المدة ) يعني مدة الصلح بالحديبية , وسيأتي شرحها في المغازي , وكانت في سنة ست , وكانت مدتها عشر سنين كما في السيرة , وأخرجه أبو داود من حديث ابن عمر , ولأبي نعيم في مسند عبد الله بن دينار : كانت أربع سنين , وكذا أخرجه الحاكم في البيوع من المستدرك , والأول أشهر . لكنهم نقضوا , فغزاهم سنة ثمان وفتح مكة . وكفار قريش بالنصب مفعول معه .
قوله ( فأتوه ) تقديره : أرسل إليهم في طلب إتيان الركب فجاء الرسول يطلب إتيانهم فأتوه , كقوله تعالى ( فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت ) أي : فضرب فانفجرت . ووقع عند المؤلف في الجهاد أن الرسول وجدهم ببعض الشام , وفي رواية لأبي نعيم في الدلائل تعيين الموضع وهو غزة . قال : وكانت وجه متجرهم . وكذا رواه ابن إسحاق في المغازي عن الزهري , وزاد في أوله عن أبي سفيان قال : كنا قوما تجارا , وكانت الحرب قد حصبتنا , فلما كانت الهدنة خرجت تاجرا إلى الشام مع رهط من قريش , فوالله ما علمت بمكة امرأة ولا رجلا إلا وقد حملني بضاعة . فذكره . وفيه : فقال هرقل لصاحب شرطته : قلب الشام ظهرا لبطن حتى تأتي برجل من قوم هذا أسأله عن شأنه . فوالله إني وأصحابي بغزة , إذ هجم علينا فساقنا جميعا .
قوله : ( بإيلياء )
بهمزة مكسورة بعدها ياء أخيرة ساكنة ثم لام مكسورة ثم ياء أخيرة ثم ألف مهموزة , وحكى البكري فيها القصر , ويقال لها أيضا إليا بحذف الياء الأولى وسكون اللام حكاه البكري , وحكى النووي مثله لكن بتقديم الياء على اللام واستغربه , قيل : معناه بيت الله . وفي الجهاد عند المؤلف أن هرقل لما كشف الله عنه جنود فارس مشى من حمص إلى إيلياء شكرا لله . زاد ابن إسحاق عن الزهري أنه كان تبسط له البسط وتوضع عليها الرياحين فيمشي عليها , ونحوه لأحمد من حديث ابن أخي الزهري عن عمه . وكان سبب ذلك ما رواه الطبري وابن عبد الحكم من طرق متعاضدة ملخصها أن كسرى أغزى جيشه بلاد هرقل , فخربوا كثيرا من بلاده , ثم استبطأ كسرى أميره فأراد قتله وتولية غيره , فاطلع أميره على ذلك فباطن هرقل واصطلح معه على كسرى وانهزم عنه بجنود فارس , فمشى هرقل إلى بيت المقدس شكرا لله تعالى على ذلك . واسم الأمير المذكور شهر براز واسم الغير الذي أراد كسرى تأميره فرحان .
قوله : ( فدعاهم في مجلسه )
أي : في حال كونه في مجلسه , وللمصنف في الجهاد " فأدخلنا عليه , فإذا هو جالس في مجلس ملكه وعليه التاج " .
قوله : ( وحوله )
بالنصب ; لأنه ظرف مكان .
قوله : ( عظماء )
جمع عظيم . ولابن السكن : فأدخلنا عليه وعنده بطارقته والقسيسون والرهبان والروم من ولد عيص بن إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام على الصحيح , ودخل فيهم طوائف من العرب من تنوخ وبهراء وسليح وغيرهم من غسان كانوا سكانا بالشام , فلما أجلاهم المسلمون عنها دخلوا بلاد الروم فاستوطنوها فاختلطت أنسابهم .
قوله : ( ثم دعاهم ودعا ترجمانه )
وللمستملي " بالترجمان " مقتضاه أنه أمر بإحضارهم , فلما حضروا استدناهم لأنه ذكر أنه دعاهم ثم دعاهم فينزل على هذا , ولم يقع تكرار ذلك إلا في هذه الرواية . والترجمان بفتح التاء المثناة وضم الجيم ورجحه النووي في شرح مسلم , ويجوز ضم التاء إتباعا , ويجوز فتح الجيم مع فتح أوله حكاه الجوهري , ولم يصرحوا بالرابعة وهي ضم أوله وفتح الجيم , وفي رواية الأصيلي وغيره " بترجمانه " يعني أرسل إليه رسولا أحضره صحبته , والترجمان المعبر عن لغة بلغة , وهو معرب وقيل عربي .