قوله : ( حدثنا عبدان )
هو عبد الله بن عثمان المروزي أخبرنا عبد الله هو ابن المبارك أخبرنا يونس هو ابن يزيد الأيلي .
قوله : ( أخبرنا يونس ومعمر نحوه )
أي : أن عبد الله بن المبارك حدث به عبدان عن يونس وحده , وحدث به بشر بن محمد عن يونس ومعمر معا , أما باللفظ فعن يونس وأما بالمعنى فعن معمر .
قوله ( عبيد الله )
هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود الآتي في الحديث الذي بعده .
قوله : ( أجود الناس )
بنصب أجود ; لأنها خبر كان , وقدم ابن عباس هذه الجملة على ما بعدها - وإن كانت لا تتعلق بالقرآن - على سبيل الاحتراس من مفهوم ما بعدها . ومعنى أجود الناس : أكثر الناس جودا , والجود الكرم , وهو من الصفات المحمودة . وقد أخرج الترمذي من حديث سعد رفعه " إن الله جواد يحب الجود " الحديث . وله في حديث أنس رفعه " أنا أجود ولد آدم , وأجودهم بعدي رجل علم علما فنشر علمه , ورجل جاد بنفسه في سبيل الله " وفي سنده مقال , وسيأتي في الصحيح من وجه آخر عن أنس " كان النبي صلى الله عليه وسلم أشجع الناس وأجود الناس " الحديث .
قوله : ( وكان أجود ما يكون )
هو برفع أجود هكذا في أكثر الروايات , وأجود اسم كان وخبره محذوف , وهو نحو أخطب ما يكون الأمير في يوم الجمعة . أو هو مرفوع على أنه مبتدأ مضاف إلى المصدر وهو " ما يكون " وما مصدرية وخبره في رمضان , والتقدير أجود أكوان رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان , وإلى هذا جنح البخاري في تبويبه في كتاب الصيام إذ قال " باب أجود ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يكون في رمضان " , وفي رواية الأصيلي " أجود " بالنصب على أنه خبر كان , وتعقب بأنه يلزم منه أن يكون خبرها اسمها , وأجيب بجعل اسم كان ضمير النبي صلى الله عليه وسلم وأجود خبرها , والتقدير : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مدة كونه في رمضان أجود منه في غيره , قال النووي : الرفع أشهر , والنصب جائز . وذكر أنه سأل ابن مالك عنه فخرج الرفع من ثلاثة أوجه والنصب من وجهين . وذكر ابن الحاجب في أماليه للرفع خمسة أوجه , توارد ابن مالك منها في وجهين وزاد ثلاثة ولم يعرج على النصب . قلت : ويرجح الرفع وروده بدون كان عند المؤلف في الصوم .
قوله : ( فيدارسه القرآن )
قيل الحكمة فيه أن مدارسة القرآن تجدد له العهد بمزيد غنى النفس , والغنى سبب الجود . والجود في الشرع إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي , وهو أعم من الصدقة . وأيضا فرمضان موسم الخيرات ; لأن نعم الله على عباده فيه زائدة على غيره , فكان النبي صلى الله عليه وسلم يؤثر متابعة سنة الله في عباده . فبمجموع ما ذكر من الوقت والمنزول به والنازل والمذاكرة حصل المزيد في الجود . والعلم عند الله تعالى .
قوله : ( فلرسول الله صلى الله عليه وسلم )
الفاء للسببية , واللام للابتداء وزيدت على المبتدأ تأكيدا , أو هي جواب قسم مقدر . والمرسلة أي : المطلقة يعني أنه في الإسراع بالجود أسرع من الريح , وعبر بالمرسلة إشارة إلى دوام هبوبها بالرحمة , وإلى عموم النفع بجوده كما تعم الريح المرسلة جميع ما تهب عليه . ووقع عند أحمد في آخر هذا الحديث " لا يسأل شيئا إلا أعطاه " وثبتت هذه الزيادة في الصحيح من حديث جابر " ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فقال لا " . وقال النووي : في الحديث فوائد : منها الحث على الجود في كل وقت , ومنها الزيادة في رمضان وعند الاجتماع بأهل الصلاح . وفيه زيارة الصلحاء وأهل الخير , وتكرار ذلك إذا كان المزور لا يكرهه , واستحباب الإكثار من القراءة في رمضان وكونها أفضل من سائر الأذكار , إذ لو كان الذكر أفضل أو مساويا لفعلاه . فإن قيل : المقصود تجويد الحفظ , قلنا الحفظ كان حاصلا , والزيادة فيه تحصل ببعض المجالس , وأنه يجوز أن يقال رمضان من غير إضافة غير ذلك مما يظهر بالتأمل . قلت : وفيه إشارة إلى أن ابتداء نزول القرآن كان في شهر رمضان ; لأن نزوله إلى السماء الدنيا جملة واحدة كان في رمضان كما ثبت من حديث ابن عباس , فكان جبريل يتعاهده في كل سنة فيعارضه بما نزل عليه من رمضان إلى رمضان , فلما كان العام الذي توفي فيه عارضه به مرتين كما ثبت في الصحيح عن فاطمة رضي الله عنها . وبهذا يجاب من سأل عن مناسبة إيراد هذا الحديث في هذا الباب والله أعلم بالصواب .